الخميس، 29 مارس 2012

ألرِّسالَة / سامر خير


شُكْرًا لِمَنْ إِذا كَتَبْتُ

يَحْتَفونَ بي كَشَمْعَةٍ

بِما يَليقُ بِالظَّلامِ

.. وَآسِفٌ

مِمَّنْ أَهَجْتُ وَحْلَهُمْ

حينَ عَصَفْتُ بِالكَلامِ

كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا رِياحي هَمَدَتْ

وحَسِبوا أَنَّ جِراحي الْتَأَمَتْ

حَتّى اقْتَحَمْتُ نَوْمَهُمْ

من دونِ إِذْنٍ

أَو سَلامِ



.. وَاللهِ ما دَعَوْتُهُ

فَالشِّعْرُ يَدْعوني إلى خَضِّ البِحارِ

وَاللّهِ كَمْ صَدَدْتُهُ عَنِّي

وَلكِنْ

ظَلَّ مِثْلَ الوَحْيِ يَسْتَوْطِنُ داري



إِذا رَسولُ اللهِ نادى وَحْيَهُ

وَالوَحْيُ لَمْ يفْجَأْهُ في نَوْمٍ وَغارِ

.. إِذًا أَنا أَعِدُكُمْ

وَعْدَ وَفِيٍّ
أَنْ أَعودَ مِثْلَ لُؤْلُؤٍ إِلى مَحاري!

السبت، 24 مارس 2012

مِئذَنَةٌ في صَفَد / سامر خير


في صَفَد
ما تَزالُ مئذنَةٌ مِنْ غَيْرِ هِلال
تُطِلُّ مِنْ وَسْطِ الشارِع
شاهِدَةً عَلى مَسْجِدٍ مَدْفونٍ تَحْتَهُ
حَيًّا
كَما يَرى بَعْضُ أَهْلِها الجُدُد

كَأَنَّها مِسْمارٌ مَدْقُوقٌ بِالعَكْس
لِتَعْليق بَقايا بَيْتِ الله عَلى جِدارٍ مَقْلُوب

تَعْبُرُ بِجانِبِها فَتاةٌ يَهودِيَّةٌ شَقْراء
قادِمَةٌ مِنْ رُوسيا أَو أوكرانيا
خالِعَةً مَلابِسَها
إِلّا ما يُشْبِهُ تَنُّورَةً قَصيرَة
وَخِرْقَةً تُغَطّي بَعْض رُمّانِها

ثُمَّ تَعْبُرُ فَتَياتٌ عَرَبِيَّاتٌ
أَكْثَرُ احْتِشامًا مِنْها
يَتَعَلَّمْنَ الحُبَّ في كُلِّيَّةِ صَفَد
لِنَيْلِ شَهاداتٍ مِنْ غَيْرِ عارٍ
في مُجْتَمَعِ السَّمَكِ
المُحافِظِ بِفَخْرٍ عَلى أَعْماقِ البَحْر

سَمَكٌ يُتْقِنُ الطَّيَرانَ مِنْ دونِ خَياشِيم
عَلى جُزُرٍ كانَتْ لَهُ

ثُمَّ تَعْبُرُ فَتَياتٌ يَهودِيّاتٌ
أَكْثَرُ احتِشامًا مِنْهُنَّ
كَأَنَّهُنَّ خَرَجْنَ لِلتَّوِّ مِنَ التَّوْراة
كَأَرْغِفَةٍ طازَجَةٍ مِنْ فُرْنِ حَطَب

وَشَبابٌ جامِعِيُّونَ عَرب
يَقْطُنونَ في صَفَد بِدونِ سوءِ نِيَّةٍ
مِنْ قَبيلِ عَوْدَةِ شَعْبِهِم إِلَيْها
يَعْبُرونَ وَفي جُيوبِهِم
رَسائِل حُبٍّ فارِغَةٌ
فَاغِرَةٌ فَكَّيْها لِالْتِهامِ أَيِّ طارِئ

ثُمَّ يَمُرُّ يَهودٌ مُتَدَيِّنون
بِسَحنَاتٍ يَمَنِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ وَأشكِنازِيَّة
بِمَلابِسَ وَقُبَّعاتٍ وَلِحًى سُودٍ
وَقُمْصانٍ بَيْضاء كَرَأْسِ المِئذَنَة
يَشُدُّونَ دَعْساتِهِم عَلى الرَّصيف
كُلَّما اقْتَرَبُوا
عَلَّهُ يَتَصَدَّع وَيَنْهار
عَلى ما تَبَقّى مِنَ ابْتِهالات
تَحْتَ الشّارِع
وَتَهْوِي مَعَهُ آثارُ أَغْيارٍ
يُشْبِهونَ بُيوتَ صَفَد القَديمَة

في صَفَد
ما تَزالُ مِئْذَنَةٌ واحِدَةٌ
مِنْ غَيْرِ هِلالٍ عَلَيْها
وَلا مُؤَذِّنٍ وَلا مُصَلِّينَ
تُضَيِّقُ الشَّارِعَ الجَديد

مِئْذنَةٌ صامِتَةٌ
لكِنَّها تَتَكَلَّمُ العَرَبِيَّةَ بِطلاقَةٍ
وَلا يَسْمَعُها
إِلّا مَنْ لا يَفْهَمونَها
فَيَبْصُقون حَنَقًا على الرَّصيف
لِخِشْيَتِهِمْ أَنْ يَنْزِلُوا قَبْلَها
إِلى العَدَم